رواية كبريائي قبل كل شيء ✨
إهداء :
إلى الأحمق الذي أخبرني أنه تخلى عن كبريائه من أجلي ، أود لو تعرف أنك لا تستطيع التخلي عن شيء لم تملكه يوما.
-أفروديت-
الفصل الأول :
-هل إعتذر لك عما فعل ؟ سألت سارة في إستهزاء.
-لا لم يقل كلمة واحدة ، تصرف و كأن شيئا لم يحدث ..أجبت في إنكسار و أنا أنظر إلى كوب القهوة في يدي .
متوقع فهي ليست المرة الأولى وطبعا لن تكون الأخيرة عليك أن تضعي حدا لهذه المهزلة.
-حسنا ليس الأمر بهذه الأهمية لن يعيدها أنا متأكدة إنه يحبني و أنا كذلك لقد كانت لحظة غضب و حسب لن أعطي لهذه الحادثة أهمية كبيرة.
- أنت فعلا تثيرين حنقي ! تقومين بخداع نفسك في كل مرة و توهمين قلبك بهذا الحب و لكنك في قرارة نفسك تعلمين الحقيقة و لاتستطيعين مواجهتها و حسب ! تبا أنت لست سعيدة معه ، لم اعد اطيق هذا الوضع سأغادر لدي موعد مع طبيب الأسنان.
-هل أستطيع ان آتي معك ؟
-لا أكملي إرتشاف قهوتك و عودي لمنزلك أنت حقا متعبة ، سأدفع الحساب و أنا خارجة ، إتصلي بي مساءا ، إلى اللقاء.
- وداعا أراك لاحقا
غادرت سارة المقهى و تركتني غارقة في أفكاري لم تكن تلك الصديقة الرائعة لكن يمكن الإعتماد عليها حقا ، إلا أنها عصبية جدا في أغلب الأوقات و إنني لا ألومها ، لقد طفح بي الكيل ، بالكاد أستطيع النظر إلى وجهي في زجاج النافذة ، عيني المتورمة و شفاهي المجروحة و هذه الخدوش على رقبتي ، ماذا سأقول لأمي عندما أعود ! لقد سئمت من إختلاق الأكاذيب في كل مرة يحدث فيها هذا ، أحقا أنا سعيدة معه ؟ هل تستحق هذه العلاقة كل هذا الحطام الذي جلبته لروحي ؟ ليست أسوأ مرة على أية حال ، أتذكر يوم رآني و أنا في إنتظار الحافلة ، و ذاك الشاب الذي حاول أن يضايقني ، لقد برحه ضربا ! كان الموقف بطوليا و رجوليا منه حتى ضربني أنا كذلك ، لكمة في الوجه ثم كسر يدي ، وركلة أخرى ثم إستيقظت في المستشفى ... يا إلهي إنها ذكرى رهيبة حقا ، كم مضى عليها ؟ تسعة أشهر ؟ مهلا إنها عشرة أشهر ، عشرة أشهر ولم يتغير شيء ؟ مازلت اتلقى الضرب و الصراخ و العتاب على أسخف الأشياء ، هل كان الأمر حقا يستحق أن يسبب لي هذه الكدمات اليوم ؟ كل مافعلته أني وضعت طلاء الأظافر ، أعلم انه لايطيقه ، لكنه عيد ميلادي ، ظننت ان اليوم إستثناء ، و ربما يمكنني الإستمتاع بأنوثتي كأي فتاة أخرى ، لا أدري لماذا إعتبر الأمر تحدي له ، حتى إني وضعت لونا باهتا ، لكنه لم يرحمني إطلاقا ... يا إلهي تأخر الوقت يجب أن أعود إلى المنزل .
~~~~~~~~~~~~~~
-مرحبا أمي لقد عدت
-أهلا حبيبتي كيف كانت الجامعة اليوم ....آه يا إلهي مالذي حل بوجهك ، صرخت أمي و هي تتفحص وجنتاي الملتهبتان .
-لا شيء مهم لا تقلقي ، لقد حاولت ان ألعب مع إحدى القطط المشردة ، إلا أنني لم أرق لها ، اجبت متبسمة
-لا تتغابي ، أخبريني من فعل هذا بك ، و لن أرحمه أبدا ، صرخت أمي مهددة.
-أمي إهدئي رجاءا ، قلت لك إنها بسبب لهو طفولي لا أكثر .
- هناك خطب ما يا ياسمين ، هذه ليست المرة الأولى التي تعودين فيها بهذه الحالة إلى البيت ، لكنك دوما ما تتحججين بأسباب واهية ... ألست أمك يا روحي ، أخبريني صارحيني ، مالأمر ، قالت أمي في توسل و رجاء
للحظةكدت أنهار و أخبرها كل شيء ، إلا أنني تمالكت نفسي ثم إبتسمت قائلة
- أمي عزيزتي لن أكذب عليك إطلاقا ، إنني طائشة وحسب لا أحد يؤذيني و لست أخفي عنك شيئا
ثم نهضت و إتجهت للحمام إلا أنني سمعتها تقول في صوت كله مرارة
- أعلم ان حياتك ليست سهلة ، خاصة بعد رحيل والدك ، وزواج أختك ، و أعلم أني لست تلك الأم المثالية التي تدعي انها تفهم مشاعرك تماما ، إلا أنني أحبك يا إبنتي وكثيرا ، و لا أريد أن يؤذيك أي شخص ولا حتى انت
إغرورقت عيناي بالدموع ، إلا أنني تظاهرت بالمرح و رحت أقول - و أنا أيضا أحبك يا أمي ، و أقدر إهتمامك بي كثيرا ، و الآن إسمحي لي ، لدي مشاريع سأسلمها غدا ، لذا أتمنى ان أحظى ببعض السلام و الهدوء هذا المساء
- حسنا يا حبيبتي بالتوفيق
صعدت إلى غرفتي ، و ما إن غيرت ملابسي حتى رن هاتفي ، ظننت أنه هو ، إلا أنها سارة ! مكالمة غير متوقعة ، أجبت فلم تلبث ان بدأت تصرخ
- بسببك يا غبية و بسبب حبيبك الشيطان نسيت ان عيد ميلادك اليوم ، لم نحتفل و لم أقدم لك هديتك ، ماذا دهاني اليوم
- ضحكت و قلت : لا بأس لقد تذكرت على الأقل .
- سآتي إليك في الحال و سنحتفل في منزلك
- لالالا صرخت قائلة ، يجب أن نسلم المشروع غدا
- و بعد ؟ لقد إنتهيت منه الأسبوع الماضي ، لا تقولي لي إنك لم تبدئي حتى الآن !!
- لا ،أريد فقط أن أضع بعض اللمسات الأخيرة ، قلت هامسة
- حسنا لكن ذلك لن يأخذ الكثير من الوقت ، سأساعدك ، فننتهي بسرعة ثم نحتفل
- لا لست في مزاج لذلك حقا ، أنا آسفة أنا حقا متعبة
- لا عليك سنحتفل غدا ، إهتمي بنفسك ، قالتها في برود ثم أنهت المكالمة
إنني أعلم أنها تعرف أني أكذب ، لم أنهي المشروع بعد ، لأنني لم أبدأ أصلا، لا أدري فيما يضيع وقتي كله ، و سرعان ما أتت الإجابة ، لؤي يتصل .
حاولت ان لا ارد بسرعة ، لا أريد ان أبدو متلهفة لإتصاله ، رغم أني كذلك .
- ألو - عيد ميلاد سعيد حلوتي ، قال لؤي في صوت عذب
- لقد تأخرت ، أجبت و أنا أتصنع الغضب
- كنت أريد ان أفاجئك في الصباح يا روحي ، لولا انك فتاة عنيدة
- ماذا تعني ؟؟
-حسنا يا ملاكي ، لننسى ماحدث ، وعديني ان تكوني فتاة مطيعة من الآن وصاعدا ، ردد في صوت ماكر
- نعم أعدك ، أجبت تلقائيا
- و الآن ، أين تريد حبيبتي تناول العشاء ؟
- لا أرغب بتناول أي شيء ، فقدت شهيتي - جيد ، لأني أعرف مطعما يقدم أطباق سمك رائعه
- حقا ، أجبت في فرح ، لأن السمك هو طعامي المفضل
- أجل يا مدللتي و هو قريب من هنا ، لن نتأخر ، هيا جهزي نفسك
-لا لن أستطيع ، قلت في نبرة حزينة ، لدي مشروع غدا يجب أن أسلمه و لم أبدأ فيه بعد ، كما أنني أخبرت أمي بذلك .
- أخبريها أنك ستقومين به مع صديقتك التافهة تلك
- من ؟ سارة ؟ لا تقل عنها تافهة ، صرخت محذرة
- لا ترفعي صوتك ، ردد لؤي في صوت جدي
- أنا آسفة ، لقد دعتني سارة للإحتفال و رفضت ، لا يمكنني الكذب عليها - ياسمين هل تريدين ان أغضب ؟
- لا إطلاقا ، أجبت في خضوع و تذلل
- نصف ساعة و تجدينني بجانب الحديقة ، مكاننا المعتاد ثم أغلق الخط ، دون ان يترك لي أي فرصة لأعترض مرة أخرى ، لقد أخضعني لسلطته تماما ، لا أدري حقا كيف يؤثر بي كل هذا التأثير ، إلا أنني أحبه كثيرا .
إرتديت إحدى فساتيني البسيطة مع جاكيت خفيف ، فرغم أنني ذاهبة لمطعم فاخر ، إلا أنني لا أريد أن أثير شكوك أمي ، لا أريد أن تفقد ثقتها بي إطلاقا .
لم تكن أمي في المنزل ، لا بد أنها عند أحد الجارات ، فتركت لها رسالة بجانب الباب اخبرتها أنني عند سارة من أجل بعض المساعدة في مشروعي ، سأعود في التاسعة و سيوصلني أخوها إلى البيت كالعادة .
لم يكن في رسالتي مايثير الشكوك ، إلا أنني شعرت بالكثير من الخوف ، و ربما تأنيب الضمير لأنني لم أبدأ المشروع اللعين بعد ، و أخشى أن أعود متعبة ، يا إلهي يجب أن أجد عذرا ما
إلا أنني سرعان ما نسيت مخاوفي ما إن رأيت لؤي بجانب سيارته بانتظاري ، كان يحمل باقة زهور في يده ، رغم أنها لم تكن نوعي المفضل إلا أنني وجدتها لفتة جميلة منه و إعتبرتها كنوع من الإعتذار غير المباشر ، قبلني و سألني عن حالي ثم صعدنا إلى السيارة .
لم يكن المطعم قريبا جدا كما توقعت و مع الزحام سنأخذ وقتا معتبرا للوصول ، إلا أنه ظل صامتا طوال الطريق ، لم يكن يبدو في مزاج جيد فلم أشأ إزعاجه ، حاولت أن أتلهى بأي شيء آخر لكي لا أبدو متوترة فأصلحت مكياجي إلا أن جروح وجنتاي سرعان ما بدأت تنزف .
فتملكني الجزع لرؤية الدماء و صرخت ،
إلا أن لؤي لم يعرني إهتماما و إكتفى بأن نبهني أنه يريد لمقعد سيارته أن يبقى نظيفا ، إستفزتني ملاحظته فصرخت قائلة
-إن هذه الجروح ماهي إلا بسبب وحشيتك !!!
نظر إلي و قال في نصف إبتسامة : - تبدين جميلة جدا و أنت تتألمين يا روحي
- هل جننت ؟ماذا تعني بهذا القول السخيف ؟
-لقد غيرت رأيي سنذهب إلى منزلي ، ردد في لهجة صارمة مفاجئة فشعرت بالخوف يسري في عروقي ،فقلت مستعطفة
- لؤي أرجوك أشعر بالتعب أريد العودة إلى البيت
- نحن ذاهبون إلى البيت ياسمين , إهدئي و حسب .
قالها بصوت حنون و هادئ لم أعهده من قبل ، فصمت ، كنت أظنه يحضر لي مفاجأة أو شيئا من هذا القبيل ، فلم أرد أن أفسد الأمر بإثارة المشاكل ، أعلم انه يحب الهدوء ، إلا أنني و في غير وعي ، سألته :
- لؤي هل تحبني ؟
- نظر إلي ثم تنهد قائلا : نعم كثيرا
- لما تأذيني دائما إذن ؟
- ستعلمين قريبا ، همس لؤي ثم وضع يده على يدي فاكتفيت بأن إبتسمت كالبلهاء ، لا أدري لماذا ! إلا أنني أحسست بدفئ مشاعره و أنني غارقة في حبه إلى الهاوية
وصلنا إلى شقته ، لازال المبنى القديم نفسه منذ أخر مرة رأيته قبل سنتين ، يشعر الناظر إليه اول مرة بالنفور منه و لا يوحي بالراحة أو السكينة على الإطلاق ، ربما بسبب ذلك رفضت أخته العيش معه ، و لذلك هو وحيد ، حقا أشفق عليه إنه وحيد دوما ، لم أعرف له أصدقاء يوما ، منذ أن رأيته أول مرة في المقهى إلى اليوم ، لم يصادق أحدا و لم يكلم أحدا ماعداي أنا ، بطريقة ما جعلني هذا أشعر أنني مميزة كثيرا
- فيم تفكرين ياقلبي ، غازلني لؤي و نحن نصعد إلى الشقة
- أفكر فيك ، أجبت و أنا أطلق ضحكة مكتومة
- حسنا يا مشاكسة إدخلي إلى البيت.
كانت الشقة تبدو كئيبة نوعا ما ، لا أدري إن كان هذا بسبب الإضاءة الخافتة أو الغبار الذي يعلو كل الأثاث تقريبا ، و أحسست بخيبة أمل كبيرة و أنا لا أرى أي مفاجأة بإنتظاري ، جلس لؤي فوق الأريكة وهو يدخن سيجارته في شرود ، نظرت نحوه و هممت بأن أقول شيئا ما ، إلا أنني تراجعت ، و يبدو أنه قد إنتبه إلى ذلك فسألني قائلا :
- ليس هذا ماكنت تتنتظرينه ؟
- نعم أظن ذلك ، أجبت في تعاسة
- حسنا ما سيحدث الليلة سيكون فوق توقعاتك بكثير ، إبتسم لؤي في خبث
. - ماذا تعني ؟ رددت في فضول لم يجبني و اكتفى أن أطفأ سيجارته ، ثم جذبني من يدي لأجلس بجانبه ، شعرت بحرارة أنفاسه بجانب أذني ، ضمني إليه في حنان مفاجئ ، ثم همس قائلا :
- إخلعي ثيابك أثارني سؤاله فنهضت خائفة و نظرت إليه في لوم ، لم أكن أتحمل مزاحه الثقيل أبدا ، من المستحيل أن يعني مايقول ، هو يعلم أني أرفض أي علاقة حميمية قبل الزواج ، ولذلك لم يحادثني يوما عن هذا الموضوع ، و كان هذا أحد الأسباب التي أحببته لأجلها .
- أنت تعرفني جيدا يا لؤي ، لن أقبل مثل هذا التصرف أبدا جذبني من يدي مرة أخرى و همس قائلا :
- ستقبلينه الليلة بل و ستقبلين ماهو أكثر
تمتمت في هلع :
- لقد تأخر الوقت ، يجب أن أعود في التاسعة ستقلق أمي علي ، و ستقع في ورطة -لا
تقلقي إطلاقا ، ردد في ثقة ، لا أحد يعلم أنك هنا أساسا كان قوله هذا كافيا لبث الرعب في كامل جسدي، أفلتت من بين ذراعيه و أسرعت نحو الباب ، حاولت فتحه إلا أنه كان موصدا ، نظرت إليه في توسل إلا أنه إكتفى بالضحك ، أحسست أنني في خطر كبير الآن ، صرخت طالبة النجدة ، فسمعته يقول :
- لا داعي لإثارة المشاكل ، لا أحد سيسمعك ، الباب عازل للصوت
- هل جهزت لكل هذا ، أجبت و الدموع في عيني
- بل جهزت ماهو أكثر ، قال و هو يتجه نحو الخزانة القريبة منه ، و أخرج منها سلاسل شبيهة بتلك التي يستعملها الإنسان لتقييد كلب، لم أعرف ماذا يجدر بي أن أفعل و زاد إنهمار دموعي ، إقترب مني بهدف تقييدي ، حاولت أن أقاومه ، إلا أنه صفعني ، وشدني من شعري و جذبني نحو الأرض ، أحسست بألم لايوصف وصرخت متألمة ، فضرب برأسي نحو الحائط ، و ماهي إلا لحظات حتى أظلم كل شيء في عيني.
إستيقظت تدريجيا و أنا أشعر بصداع شديد ، أحسست بأن رأسي ثقيل جدا ، و بأنني أتنفس بصعوبة بالغة ، حاولت أن أتحرك، إلا أن شيئا ما كان يقيدني ، مهلا يا إلهي إنني مقيدة بالفعل ، يداي خلف ظهري مقيدتان بحبل خشن و قاس ، و كذلك أقدامي ، أحسست بموجة برد كبيرة تجتاج جسمي ، فانتبهت أنني ، لا أرتدي شيئا ، ماعدا ملابسي الداخلية ، يا إلهي ماهذا ، إنني مرمية على أرضية المطبخ و مقيدة و نصف عارية ، إجتاحني شعور بالذل و المهانة ، و تحطمت روحي تماما ، لا بد أن أمي قلقة علي و ستتصل بسارة ، و ستخبرها سارة أنها لم ترني إطلاقا بل و حتى رفضت دعوتها ، ستندهش أمي و سيتملكها الرعب ، إنها لم تعتد ان تكذب إبنتها الحبيية عليها ، و ستتفاجئ سارة ، و ستصاب بخيبة أمل كبيرة ، تبا أشعر أني لن أرى كلاهما مرة أخرى أبدا ، قطع حبل أفكاري صوت مفاتيح او ربما سكاكين لم أستطع ان أميز ، صرخت :
-من هناك ؟
-إنه أنا فقط يا حلوتي
- أيها الوغد المنحرف ، ماذا تظن نفسك فاعلا ، هل تظن أنني سأخضع لرغباتك المرضية بهذه السهولة ، سوف أقاوم حتى أخر رمق ، لن أسمح لك بلمسي إطلاقا .
- حقا يا روحي، ألا تحبينني ؟ ألا تريدين أن أستمتع معك قليلا فقط ، سيعجبك الأمر ، أعدك بذلك، كوني فتاة مطيعة كعادتك ، و سوف يكون كل شيء على ما يرام .
- تبا لك كف عن التفوه بالتراهات ، صرخت في غضب ، أنا لست عبدا لك ، لن أقبل هذه الإهانة أبدا
- أ حقا لست عبدا لي ؟ إذن لماذا تحملتي كل إهاناتي السابقة لك ؟ لماذا تغاضيت عن كل جرح و كدمة سببتها لك ؟ لماذا كنت تجدين لي أعذارا في كل مرة كنت أؤذيك ؟ أعذارا لم أكن أنا نفسي أهتم بإختلاقها ؟ لأنك تحبين ذلك ؟ أليس كذلك ؟ تحبين نفسك و أنت خاضعة لي ، تشعرين باللذة والسعادة كلما رفعت يدي عليك، أنت تعشقين الألم ياسمين ، لا تحاولي خداع نفسك .
ذهلت و أنا أسمع لؤي يقول كل هذا في رضا تام ، لم أنتبه يوما إلى هذه الحقيقة ، إنني أحب كل ما يفعله بي ، إنني أعتبره تسلطه علي و تحكمه في كل تفاصيل حياتي نوعا من الحب و الإهتمام ، حتى تلك الدماء التي نزفتها بسبب وحشيته ، لم تجعل حبي له يخمد أبدا ، بل زادتني تعلقا به ، لكن تبا ، اين وضعت كرامتي أين كبريائي ، أين إحترامي لذاتي ؟ مالذي جلبته لنفسي ؟
لم أشعر بنفسي إلا ودموعي تنهمر في غزارة ، و اظن أن هذا زاد من إستمتاعه بليلته و قال في صوت هادئ رزين :
حسنا يا فتاتي ، قفي و إستديري نحو الحائط .
وقفت في ذهول ، و بمساعدته إستدرت نحو الحائط، في غير وعي ، و لا أدري كيف سألت بكل هدوء :
- ماذا ستفعل بي ؟
فتح رباط شعري و أسدله على كتفي ، ثم قبلني من خلف أذني ، و تمتم قائلا :
-سنكتشف معا إلى أي مدى تتحملين الألم يا حبييتي
ثم إتجه نحو أحد الأدراج ، و أخرج أداة معدنية ما ، حاولت أن أستدير لأتبين ماهي ، إلا أن الألم في رقبتي منعني ، شعرت بإقترابه نحوي ، و ماهي إلا لحظات حتى أحسست بحرارة الدم على ظهري ، كان يحاول كتابة شيء ما بإستخدام سكين او إبرة ما حادة ، كان الألم فظيعا ، لم أعد حتى أستطيع الوقوف على قدمي ، توسلت إليه أن يتوقف ، إلا أن توسلاتي زادت من إثارته ، و ماهي إلا لحظات حتى سقطت على الأرض ، لم أفقد وعيي إلا أني شعرت بتعب و دوار شديد ، حملني على كرسي و ثبت خصري إليه بسلسلة معدنية أخرى ، فطلبت إليه في صوت خافت جدا ، أن يفك رباط يداي لأن الحبل يجرحني بشدة ، و كنت قد فقدت كل قواي و لم يعد بإمكاني سوى الخضوع له ، إلا أنه لم يكترث ، و وضع حشوة إسفنجية بين شفتاي ، و رغم حالتي آنذاك إلا أنني دهشت من فعلته هذه ، فهو يعلم أني لن أصرخ و حتى إذا صرخت ، لا أحد سيسمعني ، وماهي إلا دقائق حتى احضر ملقطا ما ، يشبه الملقط الذي يستعمله طبيب الأسنان لقلع الضروس ، لكن مهلا هو لن يقتلع ضروسي ، فقد أغلق فمي ، إذن ما الذي سيفعله ؟ يا إلهي ! أظافري ،سيقتلع أظافري ! و سرعان ماتبادر إلى ذهني ذلك الألم المبرح الذي شعرت به يوم إقتلع أحد أظافري ، لأنني وضعت طلاء الاظافر و لم أكن أعلم أنه لا يطيقه ، لقد أخذت مدة طويلة للشفاء من تلك الحادثة، لكني لم أنسى الألم يوما .
- أظن أنك لم تنس بعد ، أليس كذلك ؟،
سأل لؤي و كأنه قرأ أفكاري . أطلقت صرخات مكتومة و انا أستعطفه أن لا يفعل ذلك لكن دون جدوى ، فسرعان ما إقتلع الظفر الأول ثم الثاني ثم الثالث ، ولم يتوقف إطلاقا ، صرخت و صرخت و الحشوة الإسفنجية تخنقني و دموعي تهطل بغزارة ، إلا أنه لم يبالي و كان يقبلني بين الحين و الآخر ، في محاولة منه للسخرية مني ، و فجأة توقف ، لم أملك حتى الجرأة لأنظر لقدمي و ما حل بهما ، إلا أنه أجبرني على ذلك و هو يبتسم
- منظر قدميك الصغيرتين جميل جدا الآن ، أ لا توافقينني ؟
لم أستطع حتى الإجابة لهول ما رأيت .
غادر لؤي و تركني مقيدة في مكاني ، لا أدري أين سيذهب في هذا الوقت ولا أهتم حقا ، كل ما تمنيته هو أن أختلي بنفسي ، لم أكن اريد رؤيته مجددا ، كان الظلام دامسا ، فكرت في الهرب إلا أنني سرعان ماتراجعت عن الفكرة و أنا أرى كمية الدماء التي خسرتها ، لن اتمكن حتى من السير لعشر دقائق متتالية ، نظرت حولي آملة أن أرى هاتفا بقربي ، إلا أنني لم أستطع أن أرى أي شيء ، حاولت ان أشغل تفكيري ، لكي أنسى مدى الألم الذي أحس به ، لكن لم أستطع التفكير سوى أني سأموت قريبا ، لم أملك ذرة إيمان واحدة أني سأرى شروق الشمس في الغد ، تمنيت لو أستطيع فقط إحتضان أمي لآخر مرة فقط ، أريد أن أسمع صوتها و حسب , و أختي ، أجل أختي لقد إشتقت إليها كثيرا ، أتمنى لو أني تصالحت معها قبل اليوم ، كم تبدو الحياة قصيرة و تافهة عند إقتراب نهايتها ، و سارة ، سارة الحبيبة أعلم أنها ستقتلني لو عرفت ماذا فعلت ، إلا أنني أحبها كثيرا ، لقد كانت علاقتنا رائعة جدا قبل أن أتعرف على هذا السافل ، لكن لما أكن له كل هذا الحقد الآن ؟ ألم يكن إختياري ؟ لما ألومه الآن على مافعل بي ! أنا من أردت كل هذا ، لقد رميت بنفسي عليه ، و سامحته بكل حب في كل مرة آذاني ، و ها أنا أدفع ثمن كسري لكبريائي , هل كنت عمياء لهذه الدرجة ؟ هل يجعلنا الحب حمقى ؟ لما بقيت معه ؟ لما رضخت لكل هذه المهانة ؟ هل كان الأمر يستحق ؟ تبا ، لا لم و لن يستحق هذا الحب كل هذه التضحية ، كبريائي قبل كل شيء ، لن أسمح له بأن يؤذيني أبدا ، حتى ولو عذبني لأخر قطرة دم في جسمي فاني لن أظهر أي ضعف أبدا ، لقد نام غروري لبعض الوقت لكنه لم يمت ، يجب أن أقف في وجهه ، حياتي معه كانت إذلالا ، لذا لن أسمح لموتي أن يكون كذلك ، إنه كان يستمتع بصراخي و تنهداتي أكثر من إيذائي ! فان لم أكن أستطيع مواجهته جسديا ، لن أسمح له بإرهاق روحي ، ليذهب إلى الجحيم ، أنا لن أخافه بعد الآن .
و ماكدت أنهي عبارتي حتى سمعت صوت الباب ، لقد عاد ، كان يحمل في يده شيئا يشبه السوط ، أحقا ،يبدو ان هذا المعتوه يملك الكثير من هذه الأدوات ، من يدري كم واحدة عذبها قبلي ، لا يمكن ان يكون كل هذا بمحض الصدفة ، قطع حبل أفكاري سؤاله .
- أتقضين وقتا جيدا حبيبتي ؟
- أكثر من ما تتوقع عزيزي د
قليلا لإجابتي ، إلا أنه تظاهر بعدم الإكتراث ، ثم فك ميثاق خصري و حمل جسدي المنهك ووضعني على حافة الأريكة ، سيجلدني بالطبع ، و ما من وضعية أفضل من هذه ، حسنا إنه ليس أحمقا بعد كل شيء . لكن لن أصرخ هذه المرة و لو كلفني الأمر روحي ، سأصمت إلى أخر نبضة من قلبي .
لا ادري كم مضى من الوقت ، وهو ينهال بضربات السوط على لحمي ، إلا أنني لم أصدر أي صوت ، ولا حتى صرخة مكتومة، بدوت كالجثة تماما ، و إستطعت أن أشعر بأن هذا يستفزه ، لأنه كان يزيد من قوة ضرباته في كل مرة ، لكني لم أستسلم بتاتا ، لا فكرة لدي من أين أتيت بتلك الجرأة فجأة ، فصمودي في وجهه كان أسطوريا بالنسبة لي ، كانت أول مرة أتحداه ، لقد إعتاد على ياسمين الخاضعة الذليلة له ، سيفاجئ حين يكتشف أنه لن يؤثر بي إطلاقا ، سنرى من سيخضع للآخر الآن ، ثم تذكرت أني لا زلت مقيدة ، فأطلقت ضحكة مكتومة أسخر بها من نفسي ، و سرعان ماتوقفت ضرباته ، لابد أنه سمعني ، حانت نهايتي ، أغمضت عيني و أنا أتوقع منه أن ينهال علي بالضرب ، لكنه قال في صوت مستسلم ، و أنفاسه تكاد تنقطع :
- لم تعودي تتألمين أليس كذلك ؟
لم أتمالك نفسي و أجبت بلهجة ساخرة :
- هل تعبت يا حبيبي ، لم أعهدك ضعيفا هكذا ! ألم يكن من المفترض أنني أنا التي تتعب ، لكني لازلت بكامل قواي.
- لقد فقدت الكثير من الدم ، قال لؤي محاولا تغيير الموضوع .
- وبعد ؟ أجبت في إصرار رغم أني أشعر بدمائي تنهال على قدمي .
لم يجب ، وفك قيود قدمي ثم جذبني نحوه ، و قبلني قبلة طويلة ، إلا أنني شعرت بالقرف و النفور الشديد نحوه على غير العادة ، و لم أعد أستطيع أن أتحمله أبدا ، لست دميته التي يعذبها متى يشاء ، و يقبلها متى أراد ، فبصقت في وجهه ، و لم أشعر بنفسي ، إلا وهو يوجه لكمة حادة إلى أنفي ، أفقدتني وعيي .
حينما إستيقظت مرة أخرى ، كان هناك الكثير من الأنوار ، لم أستطع فتح عيني مباشرة ، فالضوء كان ساطع و بشدة ، و لعدة ثواني ظننت أني ميتة ، إلا أنه سرعان ما إكتشفت أني راقدة على سرير ناعم و مغطاة بغطاء باهت ، وشيء ما متصل بيدي ؟ هل هو قيد آخر ؟ لا إنها جبيرة . لقد كسرت يدي و أنا في المستشفى ، أين لؤي إذن ، ماذا حدث ؟، و تبادرت الكثير من الأسئلة إلى ذهني ، درت بعيني حول الغرفة فوجدتها فارغة ، كان هناك كوب ماء بجانب السرير ، فمددت يدي لأحضره ، إلا أنني لم أستطع تحريكها إطلاقا ، تبا ما هذا ! إنني أحس بعجز كبير ، لا أستطيع أن أتحرك إطلاقا ، فتحت فمي محاولة ان أستدعي أي ممرضة أو طبيب ، لكن لم أستطع القيام بذلك أيضا ، يا إلهي إنني أشعر أني في إحدى تلك الكوابيس التي يفقد فيها المرء صوته و القدرة على الحركة ، إنهالت دموعي و شعرت بغصة في حلقي ، لأني أعلم أن هذا لم يكن كابوسا أبدا ، و فكرت بسرعة لا بد من أن ذلك الوغد ، فعل لي شيئا ، هل قطع لساني ؟ لكن ماعلاقة هذا بالشلل الذي أصابني ، إني لا أفهم شيئا .
تعليقات
إرسال تعليق